كلمة المحامي حسان الأسود في مؤتمر الميثاق الوطني للسوريين الأمريكيين

 رغم كلِّ ما سبق، فإنّ السياسة لا تقف عند المبادئ والقيم، بل تتخطاها لتجدل المصالح مع الاحتياجات ضمن سلسلة معقدة من التفاهمات والمفاوضات التي يمكن أن توصل الأطراف المختلفة إلى تسويات ممكنة. وهنا لا بدّ من التفات القائمين على الميثاق والقائمات لتطلعات الشعب السوري في كل بقاع سوريا وخارجها. وهذا ما بدأ يتحقق من خلال تبنّي التحالف السوري الديمقراطي، بقواه المتنوّعة والمتعددة الموجودة داخل سوريا وخارجها لمبادئ الميثاق، وفي تبني منصّة مدنيّة وغيرها من القوى لهذه المبادئ أيضًا. 
في هذا المقال

 

*ميثاق: التحالف السوري الديمقراطي

  • المحامي حسان الأسود 

               

السيدات الكريمات والسادة الأكارم الحضور،

تحيّة عطرة،

يسعدني اليوم ويشرفني دائمًا أن أشارك معكنّ ومعكم في أعمال مؤتمركم الثاني للميثاق الوطني للسوريين الأمريكيين، وأشكر اللجنة التحضيرية للمؤتمر التي شرّفتني ومنحتني فرصة الحديث إليكنّ وإليكم عبر الزووم في هذه المؤتمر الواعد.

إنّ أهمّية الميثاق لا تكمن فقط في المبادئ العشرة التي اختزلت ما يمكن أن يجمع السوريين والسوريات بعد عقودٍ من الديكتاتورية والاستبداد، بل وأيضًا في أنه نقطة انطلاق لإعادة بناء الهويّة السورية المتذرّرة، ولم الشتات السوري بعروة وثقى تعيد الأمل في مستقبل مشرق.

لقد أعاد الحراك السلمي في السويداء، المستمر منذ أزيد من ثلاثمائة يوم، الثقة في إمكانية التواصل بين أبناء الوطن الواحد وبناته. كذلك يشكّل الحراك الشعبي قي الشمال، الرافض لسيطرة قوى الأمر الواقع، ركيزة أساسية في وجه تسويات الدول مع نظام الأسد على حساب الحقوق المشروعة التي هبّ الناس عام 2011 للمطالبة بها.

جرائم حرب

  • تتجدد اليوم أهمية وجود مبادئ واضحة ينطلق منها أي جهد سوري لوقف الكارثة، وهذا ما تحقق من خلال الميثاق الوطني للسوريين الأمريكيين. ثم تأتي من جديد عمليات التكامل بين القوى السياسية السورية التي يجب أن تسير في اتجاهات متبادلة لخلق التأثير الحقيقي المنشود.

إنّ نجاح أي عملٍ سوري مرهون بقراءة الواقع السوري وتداخل المصالح الإقليمية والدولية وتأثيرها الكبير فيه. تقتضي الواقعية السياسية المرونة، لكنّ بناء الهويّة الوطنية يقتضي الاتفاق على قضايا جوهرية تجعل هذا الوعاء قادرًا على استيعاب كل التنوّع والثراء السوري.

لا شكّ بأنّ الوضع السوري المعقّد يصعّب مهمة القوى الوطنية السورية، لكنه يؤكد على أنّ أصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير والانتقال السياسي هم السوريون والسوريات. لذلك، وباعتبار ما سبق، تأخذ الجالية السورية في الولايات المتحدة الأمريكية دورها الفاعل والجوهري، من خلال مساهمتها في إبراز المصالح الوطنية السورية باعتبارها حجر الأساس في أي استقرار في المنطقة. يستتبع هذا التواصل مع الجاليات السورية في الشتات لخلق حالة من التنسيق السوري المستدام.

 

*مواد ذات صلة:

المبادئ العشرة للميثاق الوطني السوري التي انبثقت عن اجتماعات المؤتمر الأول

 

لا يمكن القفز على جذور المشكلة التي سببت كل هذا الدمار والخراب، فالأصل الثابت أنّ المعالجة السليمة يجب أن تنطلق من تشخيص المرض الرئيس وهو هنا الاستبداد. هذا الأخير هو الذي جلب الإرهاب العابر للحدود فتلاقى مع إرهاب النظام لخلط الأوراق الداخلية والإقليمية. والاستبداد هو الذي جلب الاحتلالات المتعددة، وهو الذي قسّم البلاد بين قوى الأمر الواقع وسلطاته، وهو الذي ترك سوريا في مهب الرياح والأمواج المتلاطمة.

  • يجب أن يركّز أي عمل سياسي سوري على مصالح السوريين والسوريات في ترابطها مع مصالح دول الإقليم والمجتمع الدولي، وهذا لا يكون من خلال إعادة إنتاج النظام الذي سبب كلّ هذا الدمار، بل من خلال خلق نظام سياسي جديد قابل للاندماج في البنية الحضارية الإنسانية.
ميثاق
“الدكتور خلدون الأسود يتحدث في المؤتمر يوم 22 حزيران 2024 في فندق ويستن بوك كاديلاك في ديترويت بولاية ميشيغان؛ الصورة؛ Syriawise”

لقد قطع السوريون والسوريات في الولايات المتحدة الأمريكية أشواطًا جيدة في مسار التأثير في القرار السياسي الأمريكي، لكنّ هذه الجهود لا يمكن أن تكون حاسمة في التغيير إذا لم تستند في الخلفيّة إلى مجموعة واضحة من المبادئ، وهنا تكمن من جديد قيمة النقاط العشرة للميثاق.

رغم كلِّ ما سبق، فإنّ السياسة لا تقف عند المبادئ والقيم، بل تتخطاها لتجدل المصالح مع الاحتياجات ضمن سلسلة معقدة من التفاهمات والمفاوضات التي يمكن أن توصل الأطراف المختلفة إلى تسويات ممكنة. وهنا لا بدّ من التفات القائمين على الميثاق والقائمات لتطلعات الشعب السوري في كل بقاع سوريا وخارجها. وهذا ما بدأ يتحقق من خلال تبنّي التحالف السوري الديمقراطي، بقواه المتنوّعة والمتعددة الموجودة داخل سوريا وخارجها لمبادئ الميثاق، وفي تبني منصّة مدنيّة وغيرها من القوى لهذه المبادئ أيضًا.

سيكون العمل في قادم الأيام شاقًا، ومتى كان بناء الأوطان سهلًا أو نزهة! وسيكون على القوى التي تبنّت مبادئ الميثاق أن تعمل بشكل مركّز أكثر على نقل الخطوات من حيّزها الراهن إلى حيّز الفعل السياسي المباشر من خلال وضع استراتيجية واضحة للتعامل مع المستجدات في الملف السوري، وهذا ما نرجو أن يخلص إليه المجتمعون هنا اليوم والمجتمعات.

 

 

شكرًا لاستماعكنّ واستماعكم 

  • حسان الأسود

 

ميثاق