*ميثاق: تقارير وأخبار 

«الدول العربية ونظام الأسد»

يراقب السوريون الذين يعيشون على طرفي نقيض من خطوط المعركة المتجمدة إلى حد كبير التي تقسم بلادهم تطبيع الدول العربية للعلاقات مع نظام الأسد من خلال جوانب مختلفة تماماً.

في سوريا التي تسيطر عليها قوات الأسد، يأمل السكان الذين يعانون من التضخم ونقص في الوقود والكهرباء أن يجلب التقارب المزيد من التجارة والاستثمار ويخفف من الأزمة الاقتصادية المعوقة.

وفي الوقت نفسه، في المناطق المتبقية التي تسيطر عليها المعارضة في الشمال، يشعر السوريون الذين رأوا المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى كحلفاء في حربهم ضد حكم الأسد بالعزلة والتخلي بشكل متزايد.

وتجري تركيا، التي كانت الداعم الرئيسي للمعارضة المسلحة ضد الأسد، محادثات مع دمشق منذ شهور، كان آخرها يوم الثلاثاء، عندما اجتمع وزراء دفاع تركيا وروسيا وإيران وسوريا في موسكو.

وفي الأسابيع الأخيرة، قامت المملكة العربية السعودية ذات الثقل الإقليمي – التي كانت تدعم الجماعات المعارضة السورية – بتغيير في موقفها من نظام الأسد ودفعت جيرانها إلى أن يحذوا حذوها. وزار وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان دمشق الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ قطع المملكة العلاقات مع سوريا قبل أكثر من عقد.

وتقوم المملكة، التي ستستضيف اجتماعاً لجامعة الدول العربية الشهر المقبل، بإقناع الدول الأعضاء الأخرى باستعادة عضوية سوريا، على الرغم من بقاء بعض الرافضين، وعلى رأسها قطر. جامعة الدول العربية هي اتحاد من الإدارات العربية التي أنشئت لتعزيز التعاون بين أعضائها.

«آراء حول تطبيع الدول العربية» 

• قال أبو شادي (49 عاماً)، وهو خياط في دمشق لم يذكر سوى لقبه، إنه يأمل أن يؤدي إصلاح العلاقات بين سوريا والسعودية إلى تحسين الاقتصاد وبدء إعادة الإعمار في البلد الذي دمرته الحرب.

وقال «لقد سئمنا من الحروب – لقد عانينا منذ 12 عاماً». “إن شاء الله ستتحسن العلاقات ليس فقط مع المملكة العربية السعودية ولكن مع جميع دول الخليج والشعب سيستفيد من الجانبين. سيكون هناك المزيد من الحركة والمزيد من الأمن وكل شيء سيكون أفضل بإذن الله “.

في شمال غرب البلاد الذي تسيطر عليه المعارضة، يعد التقارب سببًا للخوف. لجأ نشطاء المعارضة إلى وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام “هاشتاغ” «التطبيع مع الأسد خيانة»، وخرج المئات في احتجاجات خلال الأسبوعين الماضيين ضد تحرك الدول العربية لاستعادة العلاقات مع الأسد.

قال خالد خطيب، 27 عامًا، وهو عامل في منظمة غير حكومية في شمال غرب سوريا، إنه يخشى بشكل متزايد من أن تستعيد قوات الأسد السيطرة على أراضي المعارضة المتبقية.

وأضاف: “منذ اليوم الأول الذي شاركت فيه في مظاهرة سلمية حتى اليوم، أتعرض لخطر القتل أو الإصابة أو الاختطاف أو القصف الجوي”. وقال إن رؤية التودد الإقليمي للعلاقات مع دمشق “أمر مؤلم للغاية ومخزي ومحبط لتطلعات السوريين”.

وقال رشيد حمزاوي محمود، الذي انضم إلى مظاهرة في إدلب في وقت سابق هذا الشهر، إن الخطوة السعودية كانت الأحدث في سلسلة خيبات الأمل للمعارضة السورية.

وقال: “لقد خذلنا مجلس الأمن (التابع للأمم المتحدة) – وكذلك فعلت الدول العربية وجماعات حقوق الإنسان والجماعات الإسلامية”.

تم نبذ سوريا من قبل الحكومات العربية بسبب حملة القمع الوحشية التي شنها الأسد على المتظاهرين في انتفاضة عام 2011 التي تحولت إلى حرب. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، عندما عزز الدكتاتور الأسد سيطرته على معظم البلاد، بدأ جيران سوريا في اتخاذ خطوات نحو التقارب.

تسارعت وتيرة المبادرات منذ الزلزال القاتل الذي ضرب تركيا وسوريا في السادس من فبراير/ شباط، وإعادة العلاقات التي توسطت فيها الصين بين السعودية وإيران، التي دعمت أطرافًا متعارضة في الصراع.

قال جوزيف ضاهر، باحث سويسري سوري وأستاذ في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا بإيطاليا، إن التقارب السعودي السوري هو “مغير لقواعد اللعبة” بالنسبة للأسد.

وقال ضاهر إنه من المحتمل أن تتم دعوة الأسد لحضور القمة المقبلة لجامعة الدول العربية، ولكن حتى لو لم يتم إصدار مثل هذه الدعوة لشهر أيار/ مايو، «فهذه مسألة وقت فقط الآن».

يقول مسؤولون حكوميون وشخصيات موالية للحكومة في سوريا إن استعادة العلاقات الثنائية أكثر أهمية في الواقع من العودة إلى جامعة الدول العربية.

وقال طارق الأحمد، عضو المكتب السياسي للحزب السوري القومي الاجتماعي، لوكالة “أسوشيتيد برس”: «لجامعة الدول العربية دور رمزي في هذا الأمر». «إنه ليس الدور الحاسم حقًا».

ومن جانبه، قال جورج جبور، الأكاديمي والدبلوماسي السابق في دمشق، إن السوريين يأملون في “وظائف سعودية… بعد عودة العلاقات الطبيعية بين سوريا والمملكة العربية السعودية “.

قبل عام 2011، كانت المملكة العربية السعودية واحدة من أهم الشركاء التجاريين لسوريا، حيث وصلت التجارة بين البلدين إلى 1.3 مليار دولار في عام 2010. في حين أن حركة المرور الاقتصادية لم تتوقف تمامًا مع إغلاق السفارات، إلا أنها تراجعت بسرعة.

ومع ذلك، حتى قبل تحسن العلاقات الدبلوماسية، كانت التجارة في ازدياد، لا سيما بعد إعادة فتح الحدود بين سوريا والأردن عام 2018، والتي تعمل كطريق للبضائع المتجهة من وإلى المملكة العربية السعودية.

أفاد تقرير سوريا، الذي يتتبع اقتصاد البلاد، أن التجارة السورية السعودية زادت من 92.35 مليون دولار في عام 2017 إلى 396.90 مليون دولار في عام 2021.

وقال جهاد يازجي، رئيس تحرير تقرير سوريا، إن استعادة الرحلات الجوية المباشرة والخدمات القنصلية بعد التقارب السعودي السوري الحالي يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الزيادة في التجارة.

لكنه قال إن السوريين الذين يتطلعون إلى السعودية «كمزود للتمويل إما من خلال الاستثمار المباشر في الاقتصاد السوري أو من خلال تمويل مشاريع مختلفة، وخاصة القروض الميسرة لمشاريع البنية التحتية»، قد يصابون بخيبة أمل. ستكون مثل هذه الاستثمارات محظورة إلى حد كبير في الوقت الحالي بسبب العقوبات الأمريكية والأوروبية على سوريا.

• حتى في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، استقبل البعض التطبيع بتجاهل.

قال عبد الوهاب عليوي، الناشط السياسي في إدلب، إنه فوجئ بالتغيير السعودي في الموقف، لكن “على الأرض لن يتغير شيء… لأن الدول العربية ليس لها تأثير داخل سوريا “، على عكس تركيا وروسيا وإيران والولايات المتحدة، وكلها لديها قوات في أجزاء مختلفة من البلاد.

وأضاف أنه لا يعتقد أن دمشق ستكون قادرة على تلبية شروط العودة إلى جامعة الدول العربية أو أن تركيا وسوريا ستتوصلان بسهولة إلى اتفاق.

قال محمد شكيب الخالد، رئيس الحركة الوطنية الديمقراطية السورية، وهو حزب معارض، إن الدول العربية لم تكن أبدًا حليفة لـ «الحركات المدنية الديمقراطية الليبرالية» في الانتفاضة السورية، لكنها ألقت دعمها وراء «الفصائل التي اتخذت نهجًا إسلاميًا متطرفًا.»

وقال إن الحكومة السورية، من ناحية أخرى، لديها «حلفاء حقيقيون دافعوا عنها»، في إشارة إلى تدخل روسيا وإيران الذي قلب مد الحرب.

لكنه قال في النهاية: «لا أحد يدافع عن أرض إلا شعبها».