*ميثاق: بورتريه
رياض الترك (ولد 1930 في حمص – توفي 1 يناير كانون الثاني 2024 في باريس) معارض سوري وسجين سياسي سابق، شغل منصب الأمين العام الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) منذ تأسيسه في 1973 كما يعتبر الأب الروحي لحركة المعارضة السورية منذ الثمانينات. في أواخر حياته أعلن الترك تحوله من الشيوعية الديمقراطية إلى الليبرالية الديمقراطية. لُقب الترك بـ “مانديلا سوريا” لتمضيته سنوات طويلة في سجون النظام السوري. وأيضاً يُطلق عليه أبناء معظم السوريين بـ ” ابن العم”.
- تعود بدايات الترك إلى أيام الدراسة، إذ انضم إلى الحزب الشيوعي السوري واعتقل لفترة في 1952. بعدها صار يكتب في جريدة الحزب “النور” وأصبح منظر الحزب الرئيسي. سجن مجدداً أثناء حملة الاعتقالات التي قام بها عبد الناصر ضد الشيوعيين أثناء الوحدة السورية المصرية. وأطلق سراحه عام 1961، وقرر اللجوء في لبنان عام 1963 بعد استلام حزب البعث للسلطة في سوريا. ثم عاد إلى سوريا بعد سيطرة الجناح اليساري من حزب البعث على مقاليد الأمور عام 1966 بزعامة صلاح جديد في فترة رئاسة نور الدين الأتاسي.
في عام 1972 اختلف الترك مع خالد بكداش أمين الحزب الشيوعي السوري عندما أراد الأخير انضمام الحزب إلى الجبهة الوطنية التقدمية، وهو تحالف الأحزاب الذي شكله حافظ الأسد بعد تسلمه السلطة. فقام الترك مع بقية الأعضاء المعارضين بتشكيل الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي)، الذي بقي معرضاً لنظام البعث خاصة بعد انخراطه في الحرب اللبنانية لدعم الأحزاب اليمنية في بداية تدخله. زادت معارضة الترك والمكتب السياسي لسياسات النظام في تعامله مع أزمة الإخوان المسلمين وأحداث حماة وحلب وجسر الشغور في بدايات الثمانينات. واعتقل في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 1980 وبقي كذلك حتى 30 أيار/مايو 1998، إذ أمضى أكثر من 18 عاماً في المعتقل.
بعد إطلاق سراحه في عام 1998، لم يكن الترك في البداية نشطًا سياسيًا، ولكن في حزيران 2000، وبعد أن أعلن عن وفاة الدكتاتور حافظ الأسد وخلفه وريثاً ابنه بشار، وما أعقب ذلك من فورة الجدل السياسي والمطالبات بالتغييرات الديمقراطية، التي عرفت باسم ربيع دمشق، استأنف الترك دوره السياسي. واعتُبر تصريحه على قناة الجزيرة في آب/أغسطس 2001 بأن “الدكتاتور قد مات” سبباً مباشراً لتجدد القمع من قبل الحكومة الغاضبة، وتم اعتقال الترك نفسه بعد بضعة أيام في 1 أيلول/ سبتمبر 2001، وخضع للمحاكمة، وأشار الترك مرة إلى أن الاعتقال أتى بأمر من أنيسة مخلوف أرملة حافظ الأسد لأبنها بشار الأسد لأنها اعتبرت أنه لا يليق به أن يهينه أحدهم ولا يعتقل، وخضع الترك لمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة. وفي حزيران/ يونيو 2002، حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة “محاولة تغيير الدستور بوسائل غير قانونية”؛ ما أدى إلى موجة احتجاجات دولية، خاصة في ظل تدهور حالته الصحية.
- وأطلق سراح الترك بعد أن قضى خمسة عشر شهراً من محكوميته، واستأنف نشاطه السياسي. وفي ربيع 2005 عقد الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) مؤتمراً سرياً قرر فيه تغيير اسمه إلى حزب الشعب الديمقراطي السوري. وفي هذا المؤتمر، استقال الترك من منصب سكرتير الحزب، لكنه ظل عضواً مؤثراً في المنظمة. وفي العام نفسه، برز أيضاً كاسم بارز في إعلان دمشق، وهو ائتلاف مؤيد للديمقراطية يضم نشطاء ومنظمات معارضة سورية. مع اندلاع الثورة السورية، عام 2011، قدّم الترك دعمه لحركة المعارضة السلمية، وإلى المجلس الوطني السوري، الذي تأسس صيف 2011 في إسطنبول جامعاً فصائل المعارضة السورية.
وفي تصريح له، في تشرين الأول /أكتوبر 2011، قال رياض الترك: “إن ثورتنا سلمية شعبية ترفض الطائفية، والشعب السوري واحد. لا تنازل ولا تفاوض حول الهدف المتمثل بقلب النظام الطاغية”. غادر سوريا في 2020 واستقر في منفاه بباريس.
- وفاته
في 1 كانون الثاني/ يناير 2024 رحل المعارض السوري البارز رياض الترك، عن عمر ناهز 93 عاماً، في منفاه في باريس، ونعت نسرين الترك والدها، على صفحتها في فيسبوك، بعبارة: “وداعاً والدي الغالي رياض الترك”.