*ميثاق: المصدر- تلفزيون سوريا | رضوان زيادة
ربما يفتح قرار منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بأن جيش النظام السوري يتحمل المسؤولية كاملة عن هجوم دوما في عام 2018 وأدى إلى مقتل 43 شخصا بغاز الكلور، يتفح الباب مجددا من أجل المحاسبة ومساءلة النظام عن الجرائم التي ارتكبها.
هذا القرار يذكرنا بصور القتلى بالعشرات الممددة على أرض الغوطة الشرقية وهي لا تجد مكاناً تدفن فيه بكرامة، وصور الدمار الذي أصاب مدن حرستا وحمورية ودوما وغيرها من مدن الغوطة الشرقية، وصور النازحين الفارين من أتون الجحيم في الغوطة إلى اللامكان حيث يحملون معهم قصص الرعب والخوف من المستقبل المجهول، هذه الصور كلها تكثف صورة سوريا اليوم، حيث القتل والدمار هو الجواب الوحيد الذي يمتلكه النظام السوري للحل في سوريا، حيث لا معنى لقرارات مجلس الأمن التي لا تنفذ أو تطبق، ولا تشكل كل تلك الإدانات الدولية والأممية لسلوكه في تعامله مع مواطنيه، لا تعني بالنسبة له شيئاً أو تقف عائقاً أمامه لتحقيق الحل النهائي كما يريده ومهما كانت الكلفة.
فهذا القرار ربما يمهد لإحالته إلى مجلس الأمن من أجل معاقبة نظام الأسد على استخدام السلاح الكيماوي، ورغم أن روسيا ستعارض أي قرار في مجلس الأمن يدين الأسد لكن يجب إثارة الموضوع والبحث في خيارات إدانة الأسد ربما من خارج مجلس الأمن.
في الحقيقة لا يتوقع أي شخص موقفا مختلفا من روسيا أو النظام السوري، فجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها النظام السوري على مدى السنوات السبع الماضية تجعل أي شخص مدركاً أن لا وجود لفكرة القانون أو القانون الإنساني الدولي في قاموس النظام السوري، وبالتالي فهو لن يتردد في القيام بأي شيء، لكن ما تفاجأ به السوريون هو غياب المحاسبة الدولية لما جرى في الغوطة بالرغم من صدور عدة قرارات دولية من مجلس الأمن تلزم نظام الأسد باحترام وقف إطلاق النار والسماح للمساعدات الإنسانية بالدخول إلى الغوطة.
فهذا القرار الجديد من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية يمثل إدانة واضحة للأسد وجيشه، حيث استمر التحقيق على مدى خمس سنوات وتم الحصول على عشرات العينات، فهل يمثل هذا مدخلا لموقف أقوى من المجتمع الدولي؟
لا بد من إنقاذ سوريا التي دخلت بكل المعايير والتصنيفات السياسية وبكل الأرقام الاقتصادية مرحلة الدولة الفاشلة، فهي غير قادرة على حماية سيادتها، حدودها أو أجوائها، وغير قادرة على حماية مواطنيها بل تسعى عمليا إلى تهجيرهم وتشريدهم، كما أن معظم الخدمات التي يمكن أن تؤمنها الدولة من كهرباء ومياه وأمن تشهد انقطاعا في معظم المناطق وأحياناً غياباً كلياً، سوريا تعتمد الآن في كل مناطقها تلك التي تخضع للنظام أو تلك التي تخضع للمعارضة على المساعدات الدولية وبرامج المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، وبالتالي هي بشكل أو بآخر تحت وصاية دولية دون أن تعلن الأمم المتحدة بذلك، كما أن أجواءها عرضة للانتهاكات الدولية من قبل كل الأطراف.
هذا السيناريو الأخير يدفع ثمنه السوريون اللاجئون والمهجرون والنازحون، هو حقيقة سوريا اليوم، والذي نتج عنه حقيقة لا أحد يستطيع إنكارها أن سوريا التي نعرفها لم يعد لها وجود أبداً وأن “سوريا” جديدة ربما تتخلق لكنها لم تولد بعد ربما تكون “سوريات” جديدة وربما تكون نموذج الدولة الفاشلة التي تستمر لعقود في ظل عدم اكتراث المجتمع الدولي لمصير السوريين الذين لم يعد لديهم ما يجدونه في بلدهم سوى المأوى الآمن الذي يلجؤون إليه.