*ميثاق: مقالات وآراء
ترجمات الميثاق: المصدر”Middle East Monitor”
Atef Abu Saif
لقد أصبحت عودة سوريا إلى الجامعة العربية مسألة وقت واتفاق الأطراف على إنهاء الأزمة السورية أقرب من أي وقت مضى.
طبعاً عودة سوريا لا يمكن فصلها عن التطورات التي تشهدها المنطقة بشكل عام، وهذه التطورات سيكون لها تأثيرات على مستقبل المنطقة وعلى العلاقات المتداخلة فيها. ولعل أهم ما يميز هذا التداخل هو التعايش بين جميع الأطراف، بغض النظر عن التوجهات السياسية الحقيقية وطبيعة العلاقات الأخرى التي تربط كل طرف. أي أن هذا يشير إلى دولة الاحتلال وعلاقات بعض الدول معها، أو ما يعرف بالتطبيع العربي الذي حصل قبل أكثر من عامين، والذي لن يتم القضاء عليه بأي مصالحة عربية عربية أو عربية إيرانية. بدلاً من ذلك، سيتعايش الجميع مع أي شخص آخر.
مرت سنوات على القطيعة العربية مع سوريا وإخراج النظام السوري من المؤسسات العربية بحجة فقدان الشرعية وفقدان حق التمثيل في ظل الحرب. وطالبت أطراف أخرى بحقها في تمثيل الشعب السوري. لقد مرت سنوات من التعذيب والمعاناة والدمار والأنقاض، في حين نزح ملايين السوريين وأجبروا على الخروج إلى بلدان أخرى كلاجئين. كانت سوريا مقسمة ومجزأة وممزقة وعانت كثيراً. كان هذا ثمناً كبيراً ومؤلماً. وليس من الحكمة الخوض في الماضي لأننا لم نعد نعيشه ولا يمكننا تغييره، ولكننا كنا بحاجة إلى استعراض سريع للماضي من أجل استخلاص الدروس والتصدي لتحديات المستقبل.
نحن نعلم أن البعض كان يسعى إلى تمزيق سوريا من خلال إزالتها من النظام العربي بمجرد حدوث المشاكل.
لكن ما كان ينبغي طرد دولة عضو وتعليق عضويتها لأن هناك من يريد الاستيلاء على السلطة. إزالة سوريا في حد ذاتها كانت واضحة
ورأت بعض الدول العربية المؤثرة أن إزاحة سوريا ومحاولة استبدال نظام الأسد بممثلين عن المعارضة، كانت خطوة نحو إرساء إزاحة الأسد من النظام الدولي وبالتالي الإطاحة بشرعيته. كان الإصرار على ذلك جزءاً من الحرب التي استهدفت وحدة سوريا والشعب السوري، فضلاً عن طبيعة حكومتها. وأولئك الذين يعتقدون أن مثل هذه التدخلات يمكن أن تحقق الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة كانوا مخطئين بشدة.
طبعاً لا أحد يحاسب أحداً الآن، ولن تكون هناك مراجعة قاسية لكل القسوة ضد الشعب السوري، الأمر سيمر مرور الكرام. وستبقى مسألة المصالحة المجتمعية قائمة لأنه بدون مصالحة تضمن حقوق وأمن جميع الضحايا بعد نهاية الحرب، لا يوجد أساس لأي استقرار في المستقبل.
لم تعد القضية مجرد صراع سياسي أو تمثيلي، ولا حرب بين أطراف إقليمية، بل مجتمع يجب إعادة بنائه ليتمكن من إقامة دولة للجميع.
في الواقع، لا بد أن يحدث شيء أعمق يتعلق بكل هذا التاريخ من الاضطرابات في المنطقة العربية، والذي حدث بعد أن أضرم التونسي البوعزيزي النار في نفسه، ثم تمت الإطاحة بنظام زين العابدين، وتضاءل حتى وصل إلى العديد من العواصم العربية.
عانت بعض الدول العربية وأفلتت في النهاية من التفتت، بينما وقعت دول أخرى ضحية لها. لم يعد السودان سوداناً موحداً، في حين أن النظام المدني فيه أطيح به من أجل نظام عسكري، وهو لم يستقر بعد. ليبيا لم تعد ليبيا موحدة ولا سوريا، موضوع هذا المقال.
وباستعراض أوضاع الدول العربية، ندرك أن عدداً قليلاً جداً منها نجا تماماً من تداعيات الربيع العربي.
ستعود سوريا إلى الجامعة العربية وستتم بعض المصالحات العربية الداخلية التي سيكون أصعبها بالتأكيد المصالحة الجزائرية المغربية.
ومع ذلك، ستبقى “إسرائيل” صديقة للبعض وستنمو استثمارات البعض في إسرائيل جنباً إلى جنب مع التبادل التجاري والاقتصادي، في حين أن مبيعات الأسلحة قد تنمو. إنه وقت التعايش والتناقض دون الحاجة إلى الصراع.
هذه ليست حالة عربية جديدة، لأن العرب ليس لديهم ما يقدمونه.