*ميثاق: تقارير وأخبار
كابوس الذخائر العنقودية
حذرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر منذ يومين من أن الذخائر العنقودية تشكل تهديداً مستمراً على حياة الأجيال القادمة في سوريا. ويتضمن التقرير خرائط تبين المناطق التي تناثرت فيها هذه الذخائر في العديد من المحافظات السورية.
كما كشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن ما مجموعه 1453 مواطناً سورياً، بينهم 518 طفلاً، قتلوا بفعل هذه الذخائر ومخلفاتها الصغيرة الفتاكة وغيرها من المخلفات التي استخدمها النظام السوري وروسيا في سوريا.
ويشدد التقرير الذي جاء في 43 صفحة على أن مناطق شاسعة من سوريا تعرضت على مدى السنوات ال 11 الماضية لقصف متكرر وعنيف باستخدام أسلحة فتاكة، منها هذه الذخائر، في البداية من قبل النظام السوري وحده، ثم أيضاً من قبل القوات الروسية بعد بدء التدخل العسكري الروسي. علاوة على ذلك، تم توجيه مئات الهجمات إلى أهداف مدنية، بما في ذلك الأراضي الزراعية والمناطق المأهولة بالسكان المدنيين، مما أسفر عن مقتل وإصابة العديد من المواطنين السوريين. وفي هذا السياق، يسلط التقرير الضوء على الأنماط التي ظهرت في استخدام هذه الذخائر العشوائية من قبل قوات الحلف السوري الروسي.
خطورة الذخائر العنقودية
وكما يوضح التقرير، فإن الذخائر العنقودية خطيرة بشكل خاص بسبب تأثيرها طويل الأجل الذي يستمر لفترة طويلة بعد انتهاء الحروب أو النزاعات التي استخدمت فيها. ما يقرب من 10 إلى 40 بالمئة من هذه القنابل الكبيرة أو القنابل الصغيرة من كل قنبلة لا تنفجر عند الارتطام الأولي، مما يعني أنها لا تزال تشكل تهديداً مميتاً للمدنيين الآخرين، بالإضافة إلى الضحايا الذين قتلوا جراء الانفجار الأولي. ويشدد التقرير على أن مئات القنابل الصغيرة في سوريا قد تحولت فعلياً إلى ألغام أرضية مصغرة قاتلة يمكن أن تقتل أو تشوه المدنيين، فضلاً عن التسبب في إصابات خطيرة.
يقول فضل عبد الغني، المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان: “كل هجوم بالذخائر العنقودية يعني أن العشرات أو ربما المئات من البقايا، التي تصل نسبتها إلى 40 في المائة من الكمية الأصلية للذخائر الصغيرة المنشورة، لم تنفجر، مما يجعلها ألغاماً أرضية مصغرة قاتلة يمكن أن تودي بحياة سكان المنطقة المستهدفة.
أحد الأسباب التي دفعتنا إلى إصدار هذا التقرير الشامل هو حقيقة أننا نوثق بانتظام الوفيات والإصابات الجديدة الناجمة عن مخلفات هذه الذخائر. وقد دفعنا ذلك أيضاً إلى تصميم خرائط توضح المواقع التي تم فيها نشر الذخائر العنقودية كوسيلة لتحذير السكان عند نقل أو زراعة الأراضي في تلك المناطق، وقيام القوات المسيطرة بوضع علامات على تلك المناطق ووضعها خارج الحدود، مع بذل جهد جاد لإزالة هذه الأسلحة الفتاكة”.
وكما يكشف التقرير، فإن أول استخدام موثق للذخائر العنقودية في سوريا يعود إلى تموز/يوليو 2012، حيث كان النظام السوري والقوات الروسية هما الطرفان الوحيدان اللذان استخدماها في البلاد. ويسلط التقرير الضوء على بعض التحديات المحددة والهائلة في تحديد المسؤولية عن عمليات القتل والإصابات الناجمة عنها؛ التي انفجرت في وقت لاحق وليس في وقت الهجمات التي خلفتها كألغام أرضية مصغرة. في مثل هذه الحالات، يوضح التقرير، يتم إسناد المسؤولية بشكل مشترك إلى التحالف السوري الروسي.
يستند التقرير بشكل أساسي على قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان لعمليات القتل خارج نطاق القانون، وكذلك على قاعدة بياناتنا لهجمات الذخائر العنقودية، التي تتضمن منهجية هجينة ترتكز على منهجية إحصائية، بالإضافة إلى منهجية التحليل الإحصائي التي اعتمدنا عليها لتحليل البيانات المتوفرة. علاوة على ذلك، اعتمد التقرير أيضاً نظاماً زمنياً في دراسة سياق استخدام الذخائر العنقودية في سوريا. وأخيراً، استخدمت الشبكة السورية لحقوق الإنسان منهجية وصفية تحليلية في إعداد الخرائط التي تبين المناطق التي تناثرت فيها الذخائر العنقودية الصغيرة.
يكشف التقرير أنه حتى يناير/كانون الثاني 2023، تم توثيق مقتل ما مجموعه 1053 مدنياً، بينهم 394 طفلاً و219 امرأة، في هجمات استخدمت فيها هذه الأسلحة الفتاكة في سوريا منذ أول استخدام موثق لها في البلاد في يوليو/تموز 2012. ومن بين الضحايا ستة من العاملين في المجال الطبي، وعامل إعلامي، وثلاثة من عناصر الدفاع المدني. وبحسب التقرير، فإن هذه الهجمات التي نفذتها قوات النظام السوري أسفرت عن مقتل 835 مدنياً. بينهم 337 طفلاً و191 امرأة وخمسة من العاملين في المجال الطبي واثنين من أفراد الدفاع المدني. وفي الوقت نفسه، 218 مدنياً. بينهم 57 طفلاً، و28 امرأة، وعامل طبي، وإعلامي، وأحد أفراد الدفاع المدني، قتلوا في هجمات بالذخائر العنقودية نفذتها القوات الروسية.
ويتضمن التقرير حصيلة جارية لعدد الوفيات، فضلاً عن رسوم بيانية توضح توزيع الوفيات حسب السنة والمحافظة. يظهر تحليل البيانات أن 42 بالمئة من جميع الوفيات الناجمة عن هجمات الذخائر العنقودية تم توثيقها في عام 2016، وكانت قوات النظام السوري مسؤولة عن حوالي 63 في المئة من الوفيات المرتبطة بالذخائر العنقودية في ذلك العام.
ويكشف التقرير أيضاً أنه حتى يناير/كانون الثاني 2023، قتل ما لا يقل عن 382 مدنياً، بينهم 124 طفلاً و31 امرأة، جراء انفجار ذخائر عنقودية صغيرة خلفتها هجمات سابقة بالذخائر العنقودية نفذتها قوات التحالف السوري-الروسي.
وشدد التقرير على أن استخدام الذخائر العنقودية من قبل قوات النظام السوري والقوات الروسية يشكل انتهاكاً لكل من مبدأي التمييز والتناسب في القانون الدولي الإنساني، وهو ما يعتبر جريمة حرب. علاوة على ذلك، انتهكت قوات الحلف السوري الروسي بشكل قاطع قراري مجلس الأمن 2139 و 2254 اللذين يدعوان إلى إنهاء الهجمات العشوائية، فضلاً عن انتهاك عدد كبير من قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي. علاوة على ذلك، انتهكت قوات الحلف السوري الروسي من خلال جريمة القتل المادتين 7 و8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تشكل هذه الانتهاكات جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ويضيف التقرير أن النظام الروسي شارك أيضاً في دعم النظام السوري الذي ارتكب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بحق الشعب السوري، من خلال حماية النظام سياسياً على الساحة الدولية، وكذلك من خلال تزويد النظام السوري بالأسلحة والخبرات العسكرية. كان هذا واضحاً تماماً منذ بدء التدخل العسكري الروسي المباشر لصالح النظام السوري. إن دعم نظام متورط في جرائم ضد الإنسانية يشكل انتهاكاً قاطعاً للقانون الدولي ويجعل روسيا عرضة للمساءلة.
وطالب التقرير مجلس الأمن بتبني قرار خاص يحظر استخدام الذخائر العنقودية في سوريا، كما هو الحال مع حظر استخدام الأسلحة الكيميائية. وينبغي أن يتناول هذا القرار أيضاً كيفية إزالة بقايا هذا السلاح الخطير. كما شدد التقرير على أن عضوية روسيا الدائمة في مجلس الأمن يجب ألا تكون عائقاً أمام مساءلة مجلس الأمن، محذراً من أن الفشل في محاسبة روسيا يعني أن مجلس الأمن سيفقد مصداقيته المتبقية.
كما طالب التقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بإدانة الاستخدام الواسع والمفرط للذخائر العنقودية ضد المدنيين في منطقة إدلب، وتقديم رسالة إلى مجلس الأمن حول هذه القضية، بالإضافة إلى تقديم عدد من التوصيات الأخرى.
مواد ذات صلة:
نظام الأسد مسؤول على هجوم غاز الكلور القاتل في دوما