بيان من مجموعة السوريين الأمريكيين للميثاق الوطني حول التطورات الأخيرة في بلادنا بعد سقوط الأسد

 إن سقوط نظام الأسد يبشّر بعهد جديد لسوريا، عهد جديد تحدده الإرادة الجماعية لشعبها للتغلب على الانقسام وخلق مستقبل عادل وشامل وديمقراطي. ولا شك أن الفصائل العسكرية التي عملت على إسقاط النظام الفاشي قد لعبت دورا أساسيا فيما حدث في الأيام الأخيرة، ولكن لا ينبغي أن ننسى أن تضحيات مئات الألوف من السوريين قبل وبعد الثورة السورية قد أسهمت في تشكيل وعي سوري يتطلع إلى بناء سياسي سوري جديد. لذلك من غير المقبول احتكار السلطة من أي طرف لأنه الأقوى عسكريا، ولا يمكن فرض عقيدة واحدة أو أيديولوجيا واحدة على السوريين، من أي طرف كانت. 
في هذا المقال

 

ميثاق: بيانات 

 

يمثل سقوط نظام الأسد نقطة تحول هائلة في تاريخ سوريا، ويتيح فرصة لا مثيل لها لإعادة بناء دولة تقوم على العدالة والمساواة والديمقراطية. إننا نهنئ السوريين جميعا في جميع المناطق السورية والشتات بسقوط النظام الأسدي الفاشي، ونطرح هذه الوثيقة التي تحدد مجموعة شاملة من التوصيات لتوجيه الحكومة الجديدة خلال هذه الفترة الانتقالية، بما يضمن مستقبلاً مستقراً وشاملاً ومزدهراً لجميع السوريين.

نعتقد، نحن السوريين الأمريكيين الذين أصدرنا قبل عامين الميثاق الوطني، أن الآن هو الوقت المناسب لانتقال سياسي حقيقي لا يمس فقط البنى الفوقية والأشخاص والرموز، بل يغير جوهرا في عقيدة الدولة وبنيتها السياسية والاجتماعية.

ونؤكد أن فكرة “لنؤجل هذا لوقت لاحق،” أو “هذا الطرح غير مناسب الآن،” ليست حكيمة لأن الأيام والأسابيع والشهور القادمة هي التي ستشكل سوريا لعقود طويلة من الزمن. لذلك، يجب على السوريين أن يتكاتفوا للدفاع أولا عن الإنسان السوري وحقه في الكرامة الحياة والتعبير، وثانيا عن الوطن والمجتمع والمكونات الاجتماعية والقومية.

أولا: الحوكمة الفورية والإطار الانتقالي

الأسد

  • أ.  استمرارية الحكم الحالي: يجب أن تلتزم الحكومة المؤقتة لتسيير الأعمال التي أعلنها مجلس القيادة العسكري في العمل للحفاظ على الاستقرار وحماية الموارد الوطنية والإشراف على الوظائف الأساسية حتى نهاية أذار 2025. يجري بعدها تشكيل حكومة انتقالية تكنوقراطية مؤلفة من شخصيات مستقلة وكفوءة لمدة عام واحد من خلال مشاورات مع طيف واسع من الكيانات السياسية والمدنية السورية.

ب. المؤتمر الوطني السوري: عقد مؤتمر وطني سوري وطني واسع في دمشق للاتفاق على أسس وقواعد الدولة المدنية المبتغاة وضمانات التبادل السلمي للسلطة.

ج.  العدالة الانتقالية والمساءلة: إنشاء الهيئة الوطنية العليا للعدالة الانتقالية بشكل سريع وعلني لمعالجة فظائع الماضي. يجب أن تضمن هذه الهيئة المساءلة عن الجرائم، والكشف عن مصير المعتقلين والمفقودين، وتعزيز المصالحة من خلال المحاكم العلنية والكشف عن الحقيقة.

ثانيا: أسس الدولة الديمقراطية

أ. المواطنة والمساواة: ضمان حقوق المواطنة الكاملة لجميع الأفراد المولودين من أب أو أم سوريين. يجب تطبيق الحقوق والواجبات بالتساوي، دون تمييز على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو الجنسية أو اللغة.

ب. الحكم الديمقراطي: ضمان أن تصبح سوريا دولة ديمقراطية بالكامل، حيث يتم تداول السلطة سلمياً من خلال انتخابات حرة وسرية ومباشرة. يجب التمسك بمبدأ مواطن واحد وصوت واحد.

ج. سيادة القانون: وضع إطار قانوني يكرس سيادة القانون والمواطنة المتساوية للجميع. ويجب أن يتجذر هذا الإطار في إعلان دستوري انتقالي يضمن مبدأ المواطنة ويحمي كرامة وحريات كل سوري.

ثالثا: الحريات الفردية والجماعية

أ. حماية الحريات: ضمان حرية المعتقد والتعبير والصحافة. وحماية الحق في التجمع السلمي والتظاهر والإضراب.

ب. المجتمع المدني والتنظيم السياسي: تمكين تشكيل منظمات مدنية وسياسية واجتماعية دون قيود، وتعزيز حياة مدنية نابضة بالحياة تدعم المشاركة الديمقراطية.

رابعا: إصلاح القطاع الأمني

أ. بدء عملية نزع السلاح في جميع أنحاء البلاد تحت إشراف مجلس عسكري سوري: ينبغي أن يضم هذا المجلس ضباطاً منشقين وممثلين عن الفصائل العسكرية وعناصر من الجيش السوري غير المنشقين وعناصر وطنية من قوات سورية الديمقراطية.

ب. إطار الدفاع الوطني: إعادة بناء المؤسسات العسكرية والأمنية في سورية لحماية السيادة الوطنية وحقوق المواطنين، مع ضمان تحررها من التدخلات السياسية وعملها تحت إشراف مدني.

خامسا: حماية السيادة والاستقرار الإقليمي

أ. العمل مع الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لضمان سيادة سورية ووحدة أراضيها وحمايتها من العدوان الخارجي. ويجب إيلاء اهتمام خاص لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية وتأمين مرتفعات الجولان بما يتماشى مع القانون الدولي.

ب. ضمان إعطاء الأولوية في جميع العلاقات والسياسات الخارجية لمصالح الشعب السوري وقيمه، ورفض الهيمنة أو الاستغلال الخارجي.

سادسا: إعادة الإعمار الاقتصادي والاجتماعي

أ. التعافي الاقتصادي الشامل: إطلاق خطة إنعاش اقتصادي شامل لإعادة بناء البنية التحتية وتنشيط الصناعات ومعالجة البطالة. يجب إيلاء اهتمام خاص للمناطق المهمشة والمتضررة من الحرب.

ب.  دعم النازحين السوريين: تسهيل العودة الآمنة والكريمة للنازحين واللاجئين السوريين. وضمان إعادة إدماجهم في المجتمع من خلال توفير السكن والرعاية الصحية والتعليم والتوظيف.

ج.  محاربة الفساد: أنشأت المافيا الأسدية منظومة فساد واسعة في كافة دوائر الدولة والمجتمع.  يحب تدمير منظومة الفساد الأسدية من جزورها بالمراقبة والضوابط القانونية والشفافية التامة لكل عقود و موازنات الدولة و مؤسساتها.

سابعا: رؤية موحدة للمستقبل

أ. سوريا وطن لجميع السوريين: إعادة التأكيد على أن سوريا ملك لجميع مواطنيها، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الانتماءات الأخرى. يجب أن تبقى الدولة محايدة وتحتضن التنوع كمصدر للقوة.

ب. بناء دولة حديثة: الالتزام ببناء دولة قوية ومستقلة وديمقراطية تجسد مبادئ الحرية والعدالة والمساواة، مع تعزيز دور بنّاء في المنطقة العربية والمجتمع الدولي.

إن سقوط نظام الأسد يبشّر بعهد جديد لسوريا، عهد جديد تحدده الإرادة الجماعية لشعبها للتغلب على الانقسام وخلق مستقبل عادل وشامل وديمقراطي. ولا شك أن الفصائل العسكرية التي عملت على إسقاط النظام الفاشي قد لعبت دورا أساسيا فيما حدث في الأيام الأخيرة، ولكن لا ينبغي أن ننسى أن تضحيات مئات الألوف من السوريين قبل وبعد الثورة السورية قد أسهمت في تشكيل وعي سوري يتطلع إلى بناء سياسي سوري جديد. لذلك من غير المقبول احتكار السلطة من أي طرف لأنه الأقوى عسكريا، ولا يمكن فرض عقيدة واحدة أو أيديولوجيا واحدة على السوريين، من أي طرف كانت.

إن حماية السوريين وأمنهم، وحفظ كرامتهم، واحترام خصوصياتهم، وضمان حرياتهم الفردية والمجتمعية أمر لا تناول عنه.

ونحن نرى أنه من خلال تنفيذ هذه التوصيات، يمكن للحكومة الجديدة تكريم تضحيات السوريين وإرساء أسس دولة تسود فيها الكرامة والحرية والعدالة. وتقع الآن على عاتق كل سوري، داخل البلاد وخارجها، مسؤولية الاتحاد في هذا المسعى والمساهمة في بناء سوريا التي تعكس تطلعاتهم وقيمهم.

عاشت سورية حرة وموحدة وكريمة!


 

الأسد