واقع المرأة السورية في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة

 منذ بداية الثورة السورية وما تلاها من حرب طاحنة، تضغط النساء السوريات من أجل حل سياسي لصراع طال أمده ودخل عامه الحادي عشر. في مواجهة الأزمة المستمرة، تواصل المرأة السورية ممارسة أدوار قيادية في جميع أنحاء البلاد وفي العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة. لقد قدمت مساهمات حيوية في المساعدات الإنسانية وجهود صنع السلام والرعاية الصحية والتعليم – حيث عملت كمعيلة لأسرتها، ومستجيبة إنسانية أولية، وقائدة في مخيمات النزوح، وبانية للسلام. لعبت النساء أيضًا دورًا رائدًا في الاستجابة لجائحة كوفيد-19. 
في هذا المقال

 *ميثاق: تقارير وأخبار 

في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي يُحتفل به سنويًا في 25 نوفمبر، وصفت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، العنف الذي تواجهه النساء السوريات بأنه “لا يمكن تصوره”. وأكدت أن التسامح مع هذا العنف يمثل “وصمة على ضميرنا”، مشددةً على المسؤولية العالمية لمعالجة هذه القضية وعلى ضرورة اتخاذ تدابير حماية فعالة وعاجلة.

سلطت رشدي الضوء على الطبيعة المتعددة الأوجه للعنف الذي تعاني منه النساء السوريات، والذي يشمل العنف الجنسي، وزواج الأطفال والزواج القسري، واستغلالهن في مكان العمل، والتهجير القسري. وربطت هذه الانتهاكات بعواقب اجتماعية أوسع، مثل النزوح الجماعي للنساء والفتيات السوريات من لبنان نتيجة المخاطر المتزايدة من الاستغلال والانتهاكات. وأكدت رشدي أن معالجة العنف ضد المرأة ضرورة لا يمكن التهاون فيها، بل هي خطوة أساسية لتحقيق العدالة والمساواة.

واقع مأساوي: انتهاكات موثقة بحق النساء السوريات

يوثق تقرير صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان (SNHR) الانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها النساء في سوريا منذ عام 2011، مما يلقي الضوء على حجم المعاناة:

سوريا

  • القتل: مقتل 29,664 امرأة، تتحمل قوات النظام السوري مسؤولية مقتل 22,929 منهن، تليها القوات الروسية (1,609)، الفصائل المسلحة المعارضة (1,325)، تنظيم داعش (981)، قوات التحالف الدولي (961)، قوات سوريا الديمقراطية (287)، هيئة تحرير الشام (91)، وأطراف أخرى (1,718).
  • الاعتقال والاختفاء القسري: اعتقال أو اختفاء قسري لـ11,268 امرأة، من بينهن 8,979 تحتجزهن قوات النظام السوري.
  • الوفيات تحت التعذيب: مقتل 117 امرأة تحت التعذيب، غالبيتهن على يد قوات النظام (97).
  • العنف الجنسي: توثيق 11,553 حادثة اعتداء جنسي على الأقل، بما في ذلك اعتداءات على قاصرات. وتشير الإحصاءات إلى مسؤولية قوات النظام عن 8,024 حالة، وتنظيم داعش عن 3,487 حالة، وأعداد أقل من قبل جماعات أخرى.

تكشف هذه الأرقام عن الطبيعة المنهجية للعنف ضد النساء في سوريا واستمرار مناخ الإفلات من العقاب.

عوائق العدالة والحماية

تعرف الأمم المتحدة العنف ضد النساء كواحد من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا على مستوى العالم، حيث تعرضت واحدة من كل ثلاث نساء للعنف الجسدي أو الجنسي خلال حياتها. في سوريا، تتفاقم المشكلة بسبب الحواجز النظامية. إذ تصمت العديد من النساء خوفًا من الوصم المجتمعي أو بسبب عدم الثقة في النظام القضائي أو لغياب القوانين الرادعة وآليات الحماية الفعالة.

تُبرز آية قواف، مؤسسة مبادرة صوت المرأة، الفجوة في الحماية القانونية بين النساء السوريات. ففي أوروبا، تستفيد النساء من أطر قانونية أقوى مقارنة بنظيراتهن في تركيا، حيث تتمتع السوريات الحاصلات على الجنسية بحماية أفضل من اللاجئات تحت الحماية المؤقتة. أما داخل سوريا، فإن غياب القوانين التي تحمي النساء من العنف يتركهن عرضة للخطر.

تحديات خاصة في شمال غرب سوريا

تشكل شمال غرب سوريا، وهي منطقة متأثرة بالنزاع والنزوح، تحديات خاصة للنساء. يكشف بحث أعدته مبادرة صوت المرأة أن الخوف من الانتقام من الجناة، إلى جانب استجابة السلطات المحلية غير الكافية، يمنع الكثير من النساء من الإبلاغ عن العنف.

*مواد شبيهة:

تقدم شهادة سامر، البالغة من العمر 19 عامًا، صورة مؤلمة لهذه التحديات. أُجبرت سامر على الزواج في سن 14 من رجل يعاني من مشاكل نفسية، وعانت من سنوات من العنف الأسري. وبعد فرارها من العلاقة المسيئة، تعيش الآن في ظروف قاسية مع ابنتها ووالدتها المريضة، وسط نظرات مجتمع لا يرحم النساء المطلقات.

القضايا الهيكلية والتأثيرات طويلة الأمد

لا يقتصر العنف ضد النساء السوريات على الأفعال الفردية، بل يمتد إلى إخفاقات نظامية أوسع. إذ تسهم الأطر القانونية الضعيفة، والمعايير المجتمعية التي تتسامح مع العنف أو تعززه، واستمرار النزاع، في خلق بيئة يُعتبر فيها العنف ضد المرأة أمرًا طبيعيًا. لهذه الانتهاكات تداعيات واسعة النطاق، ليس فقط على الضحايا، ولكن أيضًا على استقرار المجتمع السوري وتنميته.

استمرت الانتهاكات الجسيمة، مثل القتل والتعذيب والعنف الجنسي، في عام 2024، مما زاد من معاناة النساء السوريات. وبحسب تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تعمق هذه الأفعال التأثيرات المدمرة على حياة الضحايا، مما يعزز الحاجة إلى إصلاحات قانونية ومجتمعية شاملة.

المرأة والسياسية

منذ بداية الثورة السورية وما تلاها من حرب طاحنة، تضغط النساء السوريات من أجل حل سياسي لصراع طال أمده ودخل عامه الحادي عشر. في مواجهة الأزمة المستمرة، تواصل المرأة السورية ممارسة أدوار قيادية في جميع أنحاء البلاد وفي العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة. لقد قدمت مساهمات حيوية في المساعدات الإنسانية وجهود صنع السلام والرعاية الصحية والتعليم – حيث عملت كمعيلة لأسرتها، ومستجيبة إنسانية أولية، وقائدة في مخيمات النزوح، وبانية للسلام. لعبت النساء أيضًا دورًا رائدًا في الاستجابة لجائحة كوفيد-19.

على الرغم من ريادتها في جميع أنحاء البلاد، لا تزال المرأة السورية تواجه تحديات في الحياة السياسية. كانت هناك بعض المكاسب مؤخرًا في مجال المساواة المبنية على النوع الاجتماعي وحقوق المرأة في سوريا، بما في ذلك إدراج ما يقرب من 30٪ من النساء في اللجنة الدستورية، وإجراء تعديلات على قانون الأحوال الشخصية، وزيادة المشاركة في أنشطة التدريب وتنمية المهارات، والزيادة في ريادة الأعمال النسائية في البلاد منذ بداية الصراع. ومع ذلك، لا تزال المشاركة المباشرة للمرأة في مفاوضات السلام رفيعة المستوى ونسبة مشاركة النساء في صنع القرار السياسي على المستويين الوطني والمحلي منخفضة بشكل مخيب للآمال.

الطريق إلى الأمام

يتطلب القضاء على العنف ضد النساء السوريات نهجًا متعدد الأبعاد، يشمل تعزيز الحماية القانونية، وتحسين الوصول إلى العدالة، وتعزيز الوعي المجتمعي لتحدي الأعراف الثقافية الراسخة. كما يجب أن تركز الجهود الدولية على محاسبة الجناة وتقديم الدعم للناجيات، مع ضمان سماع أصواتهن وحماية حقوقهن.

في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، تظل معاناة النساء السوريات تذكرة قوية بمدى الحاجة الملحة إلى العمل المستمر لتحقيق المساواة بين الجنسين وحماية حقوق الإنسان.


 

المرأة