*ميثاق: تقارير وأخبار
حلب بين الحرب والزلزال
تجلس “أم منير” بجانب سرير تناثرت عليه الأنقاض في حلب ثاني أكبر مدينة سورية، وترفض مغادرة منزلها على الرغم من أن الزلزال القاتل أحدث فجوة كبيرة في الغرفة.
وكانت حلب، ذات يوم مركزاً تجارياً رئيسياً، قد تعرضت بالفعل لأكثر من عشر سنوات من الحرب عندما وقع الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة في أوائل فبراير شباط مما أسفر عن مقتل أكثر من 45 ألف شخص في أنحاء تركيا وسوريا وتسوية أحياء بأكملها بالأرض.
وانهار المبنى المجاور لمنزل أم منير، ما أدى إلى تدمير الواجهة الخلفية لمنزلها، لكنها قالت “لوكالة فرانس برس” إنه لا الكوارث الطبيعية ولا الصراع يمكن أن تجعلها تغادر.
“لا شيء سيجعلني أخرج من منزلي سوى الموت“، قالت المرأة البالغة من العمر 55 عاماً، والتي تعيش بمفردها في الطابق الرابع من المبنى المكون من سبعة طوابق الذي تضرر بشدة.
“سأغادر فقط إلى القبر.”
وتكبدت مدينتها خسائر كبيرة في زلزال 6 شباط/ فبراير الذي دمر 54 من مبانيها وألحق أضراراً بالمواقع التاريخية.
وقع الزلزال في أوائل فبراير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 45 ألف شخص في جميع أنحاء تركيا وسوريا. © لؤي بشارة / وكالة الصحافة الفرنسية
مع مقتل ما لا يقل عن 432 شخصاً، تمثل حلب ما يقرب من ثلث جميع الوفيات في المناطق التي تسيطر عليها قوات نظام الأسد في سوريا، وفقاً لوسائل الإعلام “الحكومية”.
وقدر مسؤولون ومسعفون في جميع أنحاء البلاد التي دمرتها الحرب، بما في ذلك في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، العدد الإجمالي للقتلى السوريين بأكثر من 3,600 شخص.
“لقد اعتادوا على الخطر”
وشهدت المدينة معارك وحشية بين قوات المعارضة المتمركزة في شرق حلب وقوات النظام المدعومة من روسيا من عام 2012 إلى عام 2016.
تعرضت كاتدرائية القديس سمعان ستايليت السورية في محافظة حلب لأضرار بالغة في الزلزال © محمد الرفاعي / AFP/File
بعد حصار خانق على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وهجوم ساحق شمل البراميل المتفجرة والصواريخ والقذائف، أعلن “جيش النظام” في ديسمبر 2016 أنه يسيطر بالكامل على المدينة.
- “نحن شعب مجد وثروة، لكن الحرب غيرت كل شيء”، قالت أم منير، وهي تنظر إلى حطام أثاثها الخشبي. “حتى في أقسى سنوات الحرب لم ننزح”، أضافت المرأة، التي كان منزلها في حي “المشارقة” بالقرب من خط المواجهة. لن نزح الآن”.
ولقي أكثر من 30 شخصاً حتفهم في المشارقة بعد أن أسقط الزلزال الذي وقع قبل الفجر مبنيين فوق سكان نائمين.
وأثارت الهزات الارتدادية التي لا تزال متواصلة على ما يبدو فزع الناجين المصابين بصدمات نفسية، وهز زلزال بقوة 6.4 درجة يوم الاثنين نفس المناطق في تركيا وسوريا.
وعندما وقع الزلزال الجديد، أمسكت أم منير بجارتها أمينة رسلان البالغة من العمر 85 عاماً، والتي تعيش في الطابق الأول، وهرعوا إلى الخارج.
قالت أم منير: “لا يمكنها الركض، لذلك أمسكت بيدها وسرنا بأسرع ما يمكن.
وقال ابن أمينة الذي يعيش مع والدته إنهم “اعتادوا على الخطر لأن منزلنا كان على خط المواجهة” حيث انهمرت الصواريخ والقذائف.
وقال علي الباش (55 عاماً) إنه يتمنى لو كان بإمكانهم مغادرة منزلهم المدمر، لكن “ليس لدينا مكان آخر نذهب إليه”.
“في حلب كل شيء انهار”
اغرورقت عينا أمنية رسلان بالدموع وهي تتذكر تدمير المنزل الذي قالت إن عائلتها تعيش فيه منذ 50 عاماً.
سوريون ينزحون بسبب كارثة الزلزال في مخيم مؤقت في مدينة حلب © الشمالية التي تسيطر عليها قوات النظام لؤي بشارة / أ ف ب/أرشيف
وقالت لوكالة فرانس برس “كل شيء انهار”، بينما كان أحفادها يلعبون حولها. وأضافت، أن الأسرة، مثل كثيرين آخرين، لم ترغب في الانتقال إلى مأوى لكنها لم تستطع استئجار منزل جديد.
“لقد فقدت اثنين من أطفالي خلال الحرب. لا أريد مغادرة منزلي… لا أريد أن أخسر أي شيء آخر”.
لكن بعض سكان حلب تركوا منازلهم المدمرة للخيام.
يعيش محمد جاويش، 63 عاماً، الآن في مخيم مؤقت مع عشرات العائلات بعد انهيار المبنى جزئياً. حيث قال: “لو كان لا يزال لدي منزل لما كنت هنا”، وهو يشاهد أحفاده – بعضهم حفاة في برد الشتاء – يلعبون بكرة قدم مهترئة.
وقال جاويش لوكالة فرانس برس إن الزلزال كلفه ممتلكاته وأعاده “إلى المربع الأول”. وردد: “أشعر بضيق في صدري عندما أكون في هذه الخيمة الصغيرة. أشعر أنني يمكن أن أموت من الحزن”.
