*ميثاق: بيانات
تدخل سوريا مرحلة تاريخية جديدة، تنتقل خلالها من الاستبداد والقمع إلى الحرية والكرامة المنشودة.
مرت سوريا بمخاض عسير ودموي، منذ أن خرج السوريون والسوريات إلى الشوارع في عام ٢٠١١ بثورة شعبية مطالبين بحريتهم وكرامتهم وحقوقهم المنتقصة، حيث تمت مواجهتهم بالعنف والقمع والقتل وتدمير البلاد، على أيدي نظام مجرم ارتكب كل أنواع جرائم الحرب، بما فيها استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، والحصار والتجويع، والتغيير الديموغرافي، والتعذيب، بدعم من حلفاء دوليين شاركوا النظام في جرائمه ضد الشعب السوري، وفرضوا سيطرتهم على مفاصل البلاد ومواردها. بالإضافة إلى دخول القوى الظلامية بأجندتها الرجعية إلى الأرض السورية، محاولة فرض نفوذها وأيديولوجيتها بقوة السلاح، وارتكبت جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان.
- عانى السوريون في الداخل من القهر والفقر والحرمان، وسياسة الفساد المستشري في مفاصل الدولة، وتدمير البنى التحتية، وتهجير الموارد البشرية. حيث تشرد ما يقارب نصف الشعب السوري إلى دول الجوار والعالم، وهو ما أوصل البلاد إلى حالة من الفشل في كل نواحي الحياة، في ظل جمود سياسي قاتل، وتعنت النظام نحو عدم الانخراط في العملية السياسية، وفشل المجتمع الدولي باتخاذ قرارات حاسمة تؤدي إلى انفراجات سياسية تحقق الانتقال نحو الدولة المنشودة. وتسببت التجاذبات السياسية، بفعل تأثير قوى إقليمية ودولية، بفشل أداء المعارضة السياسية، وحاول النظام بدعم من حلفائه خلق مسارات جانبية تجهض الحل السياسي وفق المنظور الأممي، وتحاول اختصار قضية شعبنا بتسويات لا تتفق مع المصلحة الوطنية السورية، ولا تحقق حلاً سياسياً مستداماً، ولا عدالة لضحايا جرائم الحرب؛ كل ذلك دفع الشعب السوري بقواه الحية وقدراته الذاتية إلى الاندفاع نحو معركة تحرير وطنية كبرى، أصبحت على عتبة الخلاص من بقايا منظومة الأسد المجرمة، والقطع مع نظام الاستبداد والقهر.
وهو ما دعانا، كمجموعة من السوريين والسوريات المؤمنين بالمصلحة الوطنية السورية، لإطلاق وثيقة العهد الوطني السوري هذه، المستمدة من روح أول وثيقة عهد وطني توافق عليها السوريون عام ٢٠١٢، وتم تطويرها لتكون وعاءً يتسع لتطلعات كل السوريين دون استثناء.
إن المرحلة الصعبة التي نمر بها اليوم تتطلب من كل الشخصيات والقوى الوطنية السورية، ومن السوريين عموماً في كل سوريا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، التعاضد والتكافل، وتبني رؤية وطنية لتعزيز إنجاز التحرر الوطني بجهود جميع السوريين والسوريات، ويحقق تطلعات الشعب السوري في الخروج من هذه المرحلة الحرجة والحساسة نحو استقرار مستدام وشامل، يقوده نخبة من الكفاءات الوطنية التي تضع المصلحة السورية أمامها بوصلةً لمسارات النضال القادمة.
وبإطلاقنا هذه الوثيقة، فإننا ندعو جميع السوريين لتبنيها والتوقيع عليها من أجل تحقيق الآمال بالوصول إلى دولة ديمقراطية تعددية عصرية منفتحة على العالم، تساهم في إثراء الإرث الإنساني، وبناء السلام الدولي، وتتحقق فيها .المصلحة الوطنية السورية ورفاه مواطنيها،والخلاص من كل أشكال الاستبداد.
وثیقة العھد الوطني السوري
یشكل ھذا العھد المؤسس مرجعاً للمبادئ الدستوریة في سوریا، الذي یعتمد قیم الحریة والعدالة والسلام. ویعتبر الدولة كیاناً تاریخیاً للوعي المعرفي الحضاري، قائماً على الشراكة والمواطنة المتساویة، تقودھا المؤسسات المدنیة المستقلة، دولة محایدة تجاه جمیع مواطنیھا.
1 الإنسان ھو غایة العلاقة بین أبناء الوطن الواحد، التي تتأسّس على الالتزام بالمواثیق والعھود الدولیة لحقوق الإنسان بما فیھا الحقوق الاقتصادیة والسیاسیة والمدنیة والثقافیة والبیئیة التي كرستھا الإنسانیة، وضمان التمتع بھذه الحقوق لجمیع المواطنین.
2 الشعب السوري سید على أرضه وفي دولته، ضمن وحدة سیادیة لا تتجزأ ولا یجوز التخليّ عن أي جزء منھا وللشعب السوري الحق في النضال من أجل استعادة أراضیه المحتلة بكل الوسائل التي أقرّتھا الشرعیة الدولیة لمقاومة الاحتلال.
3 الشعب السوري شعب واحد، یتساوى أفراده في الحقوق والواجبات دون أي تمییز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدین أو المذھب. ترتكز المواطنة على أساس عقد اجتماعي وطني شامل، حیث لا یجوز لأحد فرض دین أو معتقد على أحد.
4 الشعب السوري بعمقه الحضاري والثقافي والدیني الثري والمتنوع، یبني دولته على قاعدة الوحدة في التنوع بمشاركة كل مكوناته دون أي تمییز أو إقصاء.
5 تشكّل الحریات الفردیة أساسا للعلاقة بین أبناء الوطن الواحد، وتكفل الدولة الحریات العامة والخاصة، بما فیھا حریة الإعلام والحصول على المعلومة، وتشكیل المنظمات غیر الحكومیة والنقابات والأحزاب السیاسیة، وحریة الاعتقاد وممارسة الشعائر، وحریة التظاھر والإضراب والاعتصام السلمي. كما تكفل الدولة السوریة احترام التنوع المجتمعي ومعتقدات ومصالح وخصوصیات كل أطیاف الشعب السوري.
6 حمایة الإنسان وكرامته وسلامته على أرض سوریا تستوجب نبذ المذھبیة والطائفیة السیاسیة والإرھاب والعنف.
7 ینص الدستور والقانون على التزامه بحقوق الطفل، ووضع المعاییر والسیاسات الضروریة للرعایة الصحیة والنفسیة والتعلیمیة والخدمات الاجتماعیة والمدنیة والقانونیة المتعلقة بالطفل.
8 النساء متساویات في الحقوق والواجبات مع الرجال، ولا یجوز التراجع عن أية مكتسبات لحقوقھنّ. كما یحق لأي مواطن أو مواطنة أن یشغل جمیع المناصب في الدولة، بما فیھا منصب رئیس الجمھوریة. یضمن الدستور العمل على إزالة كافة أشكال التمییز ضد المرأة، ویؤكد على ضرورة تعزیز البنى التشریعیة والقانونیة التي تؤمن تمكینھا ومشاركتھا سیاسیاً واقتصادیاً واجتماعیاً فیما یتفق مع كل المواثیق الدولیة ذات الشأن.
9 التأكید على احترام حقوق ذوي الاحتیاجات الخاصة، بما فیھا الضمان الاجتماعي والصحي، وتوفیر مستلزمات المشاركة التامة في العمل والنشاطات العامة والتواصل الاجتماعي والثقافي.
10 یضمن الدستور حمایة الملكیة الخاصة، التي لا یجوز الاستیلاء علیھا مطلقا إلا للمنفعة العامة ضمن القانون، ومقابل تعویض عادل. ویمنع القانون أي شكل من أشكال تجییر المال العام لمصالح خاصة.
11 یعتمد الدستور الجدید الفصل التام بین السلطات التنفیذیة والتشریعیة والقضائیة، ویقر أسس النظام الدیمقراطي ونظام انتخاب عصري وعادل یضمن حق مشاركة كافة التیارات السیاسیة، وفق قواعد تؤمن أوسع تمثیل للشعب واستقرار نظام الحكم، وتضبط بشكل دقیق الموارد المالیة وإنفاق الأحزاب والجماعات السیاسیة.
12 تصون الدولة المال العام والملكیة العامة لمنفعة الشعب، وتقوم سیاستھا على العدالة الاجتماعیة والتنمیة المتوازنة المستدامة، وإعادة توظیف الدخل والثروة، وإقرار نظام ضریبي بین الفئات الاجتماعیة وبین المناطق، وضمان حریة الاستثمار ضمن ضوابط تكافح الاحتكار وتحمي حقوق جمیع المواطنین، وبناء نظام اقتصادي تنموي.
13 حمایة البیئة والتراث الوطني والإنساني في سوریا جزء لا یتجزأ من حمایة الإنسان والوطن.
14 الجیش السوري ھو المؤسسة الوطنیة التي تحمي حدود الدولة وتصون استقلالھا وسیادتھا على أراضیھا، تحرص على الأمن الوطني ولا تتدخل في النشاطات السیاسیة.
15 تعتمد الدولة مرحلیاً اللامركزیة الإداریة، بحیث تقوم الإدارة المحلیة على مؤسسات تنفیذیة تدیر شؤون المواطنین والتنمیة في المحافظات والمناطق، بھدف الوصول إلى تنمیة مستدامة ومتوازنة.
16 سوریا جزء من المنظومة الدولیة، وھي عضو مؤسس في ھیئة الأمم المتحدة والمنظمات المتفرعة عنھا، وھي ملتزمة بمیثاقھا، وتسعى مع غیرھا من دول العالم لإقامة نظام دولي عادل، نظام قائم على التوازن في العلاقات، وتبادل المصالح والمسؤولیة المشتركة في مواجھة التحدیات والأخطار العامة التي تھدد الأمن والسلام الدولیین.
دمشق 16/12/2024
للتوقيع على الوثيقة
⇓